جلسة حوار ...................... فقدنا الاتصال

رجلٌ من العَصر الحَجري يذهب للصيد ، وبعد مضي ساعات ، لا يتمكن من إصطياد شيء ،فيعود حزيناً إلى زوجته التي تنتظره في الكهف ، وعند وصوله ، يقف قليلاً ... ثم يقطف وردةًويدخل ...

هذه الوردة ، إعتبرها البعض ، أول قصيدة حب في التاريخ ، وأنا أعتبرها أول وأجمل "دعاية إعلانية " للفشل ...

عموماً ... لو كُتِبَ لهذا الرجل أن يعيش بيننا اليوم ، لأصبح إما شاعراً بإمتياز ، أو إعلامياً بِدَرجَةِ عبقري ...

والسؤال المُقلق هنا .. أين نحن من هذا " الإعلام الحَجَري "؟ ...

فإعلامنا ما زال يَتَخَبَط في هذا الإزدحام الفضائي ، حيثُ الداخل في النفق مفقود ،والخارج فوق الجسر مولود ... وبين هذا وذاك ، يَضيعُ المشاهد في غابةٍ من المساحيق
والألوان ، وخطوط العين وأحمر الشفاه .. حيثُ " الشكل " أصبَحَ هو " المضمون "
والمُذيعة أصبَحَت تُقَدم نشرة الأخبار بِمِكياجِ عروس ليلة زفافها ، ولم يعُد يَنقُصها سوى
فِرقةٍ فنية شَعبية ، تَزُفُها أثناء دخولها الأستوديو ، وتُطلِق الزغاريد بعد كل خبر ، مع التأكيد
على عدم إصطحاب الأطفال ...
بِمعنى آخر , لقد أصبحت الفضائيات بِمثابة إمرأة جميلة تَضَع على عينيها عدسات لاصقة مُلونة
، ونحن نُتابعها وننجَذِب إليها ، مثناسين أن خلف هذه العدسات " لوناً حقيقياً " و " حَوَلاً إعلامياً ".

هذا الواقع ، يُذَكرني بِصَديق لي ، أمضى نِصفَ عُمره في البحث عن إمرأة ِتَفهمه ، وعندما
وجَدها وقَرر الإرتباط بها ، إكتَشَفَ أنها فاهماه غَلَط ...!!

لقد إزدادت في الآونة الأخيرة ، حالات ضَعف البصر ، والشُعور بالغَثَيان والَدوار ،إضافةً إلى الأمراض العَصبية ، خصوصاً عند المُواطن العربي الذي يُشاهد التلفزيون لفترات طويلة ،
وهذا شيء طبيعي ، لأن هذا المواطن يَقضي معظم وقته مُتنقلاً ببصره من الشريط الإخباري
إلى المُذيعة ، ومن المذيعة إلى الشريط الإخباري ، وغالباً ما نَجد فوق الشريط الإخباري شريط إعلاني للباحثين عن الزواج وشريك الحياة ، وفوقه شريط للعلاج بالأعشاب ، ومكافحة البَدانة ، وزيادة الخُصوبة والقضاء على الرطوبة ..
ثم يأتي شريط الرسائل القصيرة ، فهذا أبو صبحي يَبُث سلامه وإشتياقه إلى
أم صبحي ، عِلماً بأن ام صبحي تَجلس إلى جانبه منذ مطلع القرن الماضي ، ولكن على ما يبدو أن هذه أل " sms " قد أرسلت تحت تهديد السلاح أثناء تقطيع البامية .

ومن خلف هذا الشريط وذاك .. لم نعد نرى من المذيعة سوى وجهها ، وكأنها تُطل علينا من وراء " أباجور " .. هذا إذا لم يُباغتُنا خبر عاجل ، فعندها سَتَختَفي المَستورة عن وجه الأرض ...

وبعيداً عن إلتواء وطعج الفم لدى بعض المُذيعات ، وتَجاهلاً لمن تُوهمك وكأنها
تُخفي شيئاً في فمها أثناء الحديث ، وتَجاوزاً لمن تُحاول جاهدةً تَحييد رموشها عن
الصراع الدائر بين فمها وحاجبيها .. أسوقُ هنا مثالاً لِمُذيعةٍ مُتَعَلمةٍ مُثَقفة ،
تُعتبر بحراً من بحار العلوم ، فريدة الزمان ، وحيدة القرن ، أعجوبة الدهر ،
صَنّفَها أهل العلم والإختصاص على أنها ، فَقيهةُ الفضائيات ، عالمة الرَخَوِيات ،
خبيرة في شؤون المُعَجنات والمُفَرقَعات .. ويَكفي بأنها مُؤَلّفة الكتاب الأكثر مبيعاً
وقِراءةً على شَبكة الإنترنت والذي يَحمل عُنوان : " الطريقة السَريعة لِمِكياج المُذيعة "
... حيثُ قامت بإجراء مقابلة مُطَوّلة مع أحد الفنانين ، وعلى الهواء مُباشرة ،
وقد أحببتُ أن أقتَطِف هذا المَقطع القصير من تلك المُقابلة ..


المُذيعة : ما هو مبدأك أو حِكمَتُكَ المُفَضّلة في الحياة ؟



الفنان : إعمل لِدُنياكَ كأنكَ تعيشُ أبدا ، وإعمل لآخِرتكَ كأنك تموتُ غدا ...



المذيعة : صدق الله العظيم ..!!


... معنا إتصال ؟

... لا ... يبدو أننا فَقَدنا الإتصال ...





ما رايك بالفضائيات العربية بكل صراحة وشفافية

*****************

انا راي بالاعلام انو اصبح راس الفتة رقم واحد بالعالم وبس

شكرا على الموضوع الدي يستحق فعلا النقاش